ثقب الأوزون
يواصل ثقب الأوزون اتساعه للعام التالي على التوالي فوق منطقة القطب الجنوبي ، ليعرض كل من الأرجنتين وشيلي لأخطار بالغة ناجمة عن الأشعة فوق البنفسجية القادمة من الشمس . وطبقا لما أعلنته وكالة الفضاء الأوروبية ، تأكل طبقة الأوزون فوق القطب الجنوبي ، يستمر بمعدلات عالية ، ليبلغ اتساعه خلال شهري سبتمبر وأكتوبر 2005 حوالي 25 مليون كيلومتر مربع ، وهو أكبر اتساع يشهده ثقب الأوزون على مدار التاريخ .
تبدو هذه الحقيقة في تناقض مع الادعاءات المعلنة في الوقت الراهن بأن غاز الكلوروفلورو كاربونز المتسبب في تأكل ثقب الأوزون قد بدأ يتقلص مقدار المنبعث منه في الغلاف الجوي ، وإن كانت هذه المركبات الكيماوية سوف تبقى في الغلاف الجوي لعقود طويلة.
في الوقت نفسه ، زادت كميات المواد الكيماوية الأخرى المسببة في تآكل طبقة الأوزون مثل برمايد الميثيل ، واستمرار الاستخدام غير القانوني لغازات الكلوروفلوروكاربونز ، وهو الأمر الذي يؤدي للمزيد من تآكل الأوزون .
وفي هذا الإطار ، يقول " كريج لونج " – عالم الأرصاد الجوية في مركز التنبؤات المناخية في الإدارة الأمريكية المعنية بالظواهر المناخية في المحيط والغلاف الجوي ، الموجودة في ولاية الميريلاند – أن " من المرجح أن يزداد ثقب الأوزون اتساعا في العقود الثلاثة أو الأربعة القادمة على الأقل " .
ويؤكد " كريج " أن ثقب الأوزون فوق القطب الجنوبي سيبلغ أقصى اتساع له هذا العام في منتصف سبتمبر " . ويتزامن ذلك مع " اليوم العالمي للأمم المتحدة لحماية طبقة الأوزون ", والمخصص له 16 سبتمبر . وفي هذه المناسبة أصدر " كوفي عنان " الأمين العام للأمم المتحدة بيانا قال فيه : " نؤكد امتنانا لبروتوكول مونتريال الخاص بالحد من المواد المسببة لتآكل طبقة الأوزون ، والذي أسفر عن الحد من خطر المواد الضارة المنبعثة في الغلاف الجوي " !! . . .
يلزم بروتوكول مونتريال الموقع عام 1987 ، 184 دولة موقعة عليه بعدم استخدام غازات الكلوروفلوروكاربون وما يقرب من مائة مادة كيماوية أخرى التي تحلل جزيئات الأوكسجين الثلاثي في الغلاف الجوي للأرض وتؤدي لتآكل الأوزون . من المفترض أن طبقة الأوزون تغلف الأرض تماما بسمك يتراوح بين 15 و 30 كيلومتر وتحمي الكائنات الحية من أضرار الأشعة الفوق بنفسجية .
أدي تأكل طبقة الأوزون خلال العقود القليلة الماضية ، إلى زيادة تدفق الأشعة الفوق بنفسجية إلى الأرض ، وبالتالي ارتفاع معدلات الإصابة بسرطان الجلد إلى أعلى مستويات لها ، فضلا عن ارتفاع الإصابة بأمراض العيون والتسبب في أضرار صحية أخرى للبشر ولأجناس عديدة من الحيوانات والنباتات .
ورغم ذلك ، تؤكد دراسة جديدة لمركز العلوم البيئية بجامعة شيكاغو تراجع معدلات التآكل في طبقة الأوزون فيما بين أعوام 1996 و 2002 . إلا أن العلماء لا زالوا يحذرون من أن " بعض هذه المواد الكيماوية ستبقي في الغلاف الجوي لعقود طويلة قادمة ، أي أن المواد الكيماوية التي لوثت الغلاف الجوي في العقود الماضية ستستمر أضرارها في العقود القادمة . " ، على حد قول العالم "شيرودر رولاند " في تصريح له .
فاز " شيرودر رولاند " و " ماريو مولينا " و " بول كروتزن " بجائزة نوبل في الكيمياء عام 1995 ، على أبحاثهم عن مخاطر تأكل طبقة الأوزون التي أجروها في السبعينيات .
إضافة لذلك ، هناك مخاوف نابعة من أن بروتوكول مونتريال يسمح بإطلاق مواد أخرى مسببة لتأكل طبقة الأوزون . منها على سبيل المثال ، برميد الميثيل . فضلا عن أن منتجي الخضر و الفاكهة في الولايات المتحدة الأمريكية ما يقرب من عشرة ملايين كيلوجراما من المبيدات الكيماوية بنهاية العالم الحالي 2005- وهو أكثر مما استخدموه طوال عام 2002 " .
سعت الولايات المتحدة البلدان المشاركة في بروتوكول مونتريال في الاستمرار بالسماح باستخدام 8.5 مليون كيلو جرام من بروميد الميثيل خلال عام 2006 ، وهي كمية تتجاوز المستخدم منه بواسطة المجمعات الصناعية في العالم برمته . هذا ، على الرغم من أن هناك بدائل لبروميد الميثيل ، لكنهم يفضلون استخدامه باعتباره الأرخص والأسهل في الاستخدام .
في الأثناء ، تستخدم بدائل الكلوروفلورو كاربون على نطاق واسع في العام ، ولكن لأن هذه البدائل أكثر تكلفة ، فهناك ازدهار للتجارة في الكلوروفلوركاربون في السوق السوداء لاستخدامه في المبردات ، وطفايات الحريق ، والمذيبات الصناعية .
يتم استيراد ملايين الأطنان من الكلوروفلورو كاربون و إدخالها بشكل غير قانوني إلى الولايات المتحدة .
من ناحية أخرى ، يعلن برنامج الأمم المتحدة للبيئة . أن " هناك تصاعد خطير للمشكلة في أسيا على نحو خاص . " حيث لا زالت المنطقة تعتمد على الكلوروفلورو كاربونز ، رغم الالتزام المعلن بتقليص استهلاك و إنتاج تلك الغازات .
وافقت البلدان المتقدمة ، وفقا لبروتوكول مونتريال على خفض استهلاك الكلوروفلوروكاربونز بنسبة 50 % بحلول يناير 2005، و التوقف نهائيا عن استخدامه بحلول يناير 2010 .
ويرى تقرير الأمم المتحدة للبيئة الصادر في يناير 2005 أن ذلك يؤدي إلى زيادة تلوث الغلاف الجوي بهذه المواد الكيماوية ويعيق عن استخدام بدائل .
في النهاية ، فإن الظروف المناخية يمكن أن تفاقم من مشكلة ثقب الأوزون على الأقل في المناطق القطبية . على الرغم من أن ثقب الأوزون في القطب الشمالي أقل حدة وأصغر منه بالنسبة للقطب الجنوبي ، إلا أنه أيضا يزداد اتساعا ، خاصة في الشتاء الأخير ، ويرجع العلماء ذلك لظروف التغيرات المناخية .
فعلى الرغم من ارتفاع حرارة سطح الأرض ، إلا أن الطبقات العليا من الغلاف الجوي تزداد برودة في المناطق القطبية ، وتخلق ظروفا مواتية لتدمير الأوزون بفعل المواد الكيماوية مثل الكلوروفلوروكاربونز والبرومين .
ورغم كثرة ما نعرفه عن أثر التغيرات المناخية في القطب الشمالي ، فإن نفس الشئ قد يكون في القطب الجنوبي . على حد ما يقول كلوز زينر ، من وكالة الفضاء الأوروبية في إيطاليا .
في النهاية يقول زينر أن الظروف المناخية التي وقعت فيها اتفاقية مونتريال تختلف تماما عن الظروف الراهنة الأكثر سوءا ، وبالتالي فإن توقعات اتفاقية مونتريال عن أوضاع ثقب الأوزون في النصف الثاني من القرن الواحد والعشرين ، أقل كثيرا من التوقعات المبنية على الوضع الراهن .
والمؤكد الآن أن سكان تشيلي والأرجنتين ونيوزيلاند واستراليا سوف يحتاجون إلى حماية أنفسهم بشكل أكبر من مخاطر أشعة الشمس .